أصبحت مشكلة الحوادث المرورية من المشاكل التي تؤرق المجتمع السعودي، في ظل
تزايدها بدرجة كبيرة، و ما ينتج عنها من ضحايا، من مختلف الفئات والأعمار.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الحوادث المرورية ارتفع خلال الـ 30 عاما الأخيرة
إلى 20 ضعفا، وهو ما جعل المملكة تحتل مرتبة متقدمة بين الدول العربية
والخليجية من حيث الحوادث المرورية.
ومن هذا المنطلق قامت "الوطن" ومنذ بداية العام الحالي وبصورة شبه يومية برصد
ضحايا الحوادث المروية في مختلف مناطق ومحافظات المملكة حيث وصل عدد ضحايا
حوادث السير خلال 71 يوما، ووفقا لمراسلي "الوطن" إلى 458 قتيلا و 1063مصابا.
ومع بدء أسبوع المرور الخليجي الذي تبدأ فعالياته اليوم السبت، كان لابد من
رصد هذه المشكلة، من خلال ضحايا الحوادث المرورية عبر إحصائية "الوطن"، إلى
جانب الإحصائيات السابقة للإدارة العامة للمرور، وذلك لمعرفة أسبابها،
والنتائج المترتبة على وقوع هذه الحوادث.
أعداد الضحايا تتصاعد
و تبين- على مدى 71 يوما – أن هناك تصاعدا كبيرا في عدد ضحايا الحوادث
المرورية، والتي لا تتزايد في فترات الإجازات.
فخلال أول يومين من العام لقي 14 شخصا مصرعهم وأصيب 28 آخرون، وخلال عيد
الأضحى، ارتفع عدد ضحايا حوادث المرور إلى 20 قتيلاً و33 مصاباً وقبل انقضاء
العيد ارتفعت حصيلة ضحايا الحوادث، إلى 44 قتيلا و105 مصابين. وبعد مرور 13
يوما وصل عدد ضحايا الحوادث المرورية " إلى 87 قتيلا و 246 مصابا، وفى اليوم
التاسع عشر بلغ عدد ضحايا الحوادث المرورية 121 قتيلا و363 مصابا.
وفي اليوم الـ23 ارتفع عدد الضحايا إلى 146 قتيلا و447 مصابا.
وخلال يومين فقط أدى تصادم شاحنتين في جدة إلى ارتفاع ضحايا الحوادث المرورية
إلى 162 قتيلا و 461 مصابا، فيما وصل عدد الضحايا في اليوم السابع والعشرين
إلى 182قتيلا و486 مصابا. و في – اليوم الـ 32 – وصل عدد الضحايا إلى 209 قتلى
و527 مصابا. أما في اليوم الـ42 وصل عدد الضحايا إلى 284 قتيلا و672 مصابا،
وفي اليوم الخامس والأربعين ارتفع عدد ضحايا الحوادث إلى 301 قتيل و 702 مصاب.
وفي اليوم الحادي والخمسين ارتفع عدد الضحايا إلى 334 قتيلا و 785 مصابا، و في
اليوم الـ 57 تزايد الرقم إلى 383 قتيلا و885 مصابا.
وشهد اليوم الرابع والستون وصول عدد الضحايا إلى 434 قتيلا و979 مصابا، فيما
تزايد عدد الضحايا في اليوم الـ 71 إلى 458 قتيلا و 1063 مصابا.
ماذا تقول الأرقام؟
وبالقراءة السريعة للحوادث المرورية التي نشرتها "الوطن" خلال الفترة
المذكورة، وما احتوته من تفاصيل يتضح ما يلي:
أولا: متوسط ضحايا الحوادث المرورية في المملكة يصل إلى 36 قتيلا ومصابا في
اليوم الواحد.
ثانيا: السرعة الجنونية التي تتعدى أحيانا الـ 170 كيلو مترا في الساعة، وعدم
الالتزام بتعليمات المرور، تأتيان كقاسم مشترك لمعظم الحوادث المرورية في
مختلف مناطق المملكة.
ثالثا: معظم ضحايا الحوادث المرورية من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18
و 30 عاما، وبينهم طلاب ومعلمون ومعلمات.
رابعا: هواية التفحيط تتسبب في عدد كبير من الحوادث، يروح ضحيتها عدد آخر من
الشباب و صغار السن.
خامسا: بعض الحوادث راح ضحيتها 5 أفراد أو 10 أفراد من أسرة وأحيانا أسر
بأكملها، وهو ما يعني أن هذه الحوادث سيكون لها أثر اجتماعي خطير في المستقبل.
سادسا: سوء بعض الطرق و ضعف الإشارات المرورية كانا سببين في عدد آخر في وقوع
بعض الحوادث.
سابعا: هناك بعض المناطق والمحافظات سجلت العدد الأكبر من تلك الحوادث، وفى
مقدمتها محافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية والطريق الساحلي بجدة، وهو ما يتطلب
النظر في أسباب الحوادث في هذه المحافظات و العمل على علاجها.
حوادث الأحساء
فقد شهدت الأحساء وحدها خلال الـ 71 يوما الماضية وبسبب الحوادث المرورية مصرع
35 شخصاً، وإصابة نحو 115 آخرين بإصابات متفاوتة، بعضها وصفت بالخطيرة في
حوادث
سير، ودهس، وانقلاب مركبات، رصدتها " الوطن " على مدى 68 يوماً ماضية، في
الشوارع الداخلية والخارجية لمحافظة الأحساء، وكان أبشع تلك الحوادث وفاة 23
حاجاً وحاجة وإصابة 23 حاجاً آخر من الجنسية القيرغيزستانية، في الحادث المروع
لحافلتهم، الذي وقع لهم أثناء عودتهم إلى الإمارات العربية المتحدة قادمين من
الديار المقدسة، بالقرب من منفذ البطحاء الحدودي.
وأرجع كل من علي الهاشم، ومحمد بوعويس، وحسين الزيد، أسباب معظم تلك الحوادث
إلى السرعة المفرطة التي يسير بها قادة المركبات، وعدم التقيد بالسرعة المحددة
على الطريق، مما يجعل حصيلة الضحايا ثقيلة بهذا الشكل، لافتين إلى أن الطرق
الخارجية في الأحساء والتي من أبرزها طريق (الأحساء – سلوى – البطحاء)، وطريق
(الأحساء – الظهران)، وطريق (الأحساء – الرياض)، وطريق (حرض – البطحاء)، أصبحت
أشبه بميادين السباقات بين الشاحنات والسيارات والحافلات، جراء رعونة بعض
السائقين واستهتارهم، مشيرين إلى أن كثيراً من مرتادي الطرق السريعة يواجهون
مشكلة " تحويل المسار"، مبينين أنه يجب على الجهات المعنية متابعة المقاولين
المنفذين للمشاريع في الطرق، فالكثير من قائدي السيارات تفاجئهم أعمال الصيانة
في منتصف الطريق وتحويل المسار إلى مسار آخر، بحيث يتحول المسار الواحد إلى
اتجاهين ذهاباً وإياباً، وهنا تكمن الخطورة، ووصفوها بمثابة " المذابح " التي
تنصب على مرتادي الطريق.
وأبانوا أن التجاوزات غير النظامية، والانعطاف دون سابق إنذار تعتبر جميعها
فرصاً مؤكدة لوقوع الحوادث على الطرق الداخلية والخارجية.
وقال فؤاد الحرز: إن غالبية حوادث الطرق تكون وجهاً لوجه للمركبتين، وهذا مؤشر
واضح على أن أسباب تلك الحوادث عدم ازدواجية تلك الطرق، كطريق البطحاء – حرض.
وأضاف أن من بين أسباب الحوادث في هذا الطريق استخدام الأنوار العالية من بعض
قائدي المركبات مما يؤدي إلى تعرض قائدي المركبات من الاتجاه المعاكس لأضواء
مبهرة يفقد من خلالها السائق مستوى الرؤية السليمة للطريق والمركبة المقبلة في
اتجاهه. وأضاف أن كثرة المرتفعات والانخفاضات في مسارات بعض الطرق تتسبب في
تكون مستنقعات مائية مع هطول الأمطار حيث تفاجئ السائق تلك المستنقعات مما
يتسبب في وقوع حوادث الانقلابات نتيجة لفقدان قائد المركبة السيطرة على مقود
سيارته في مثل تلك المواقع.
وأبان عبد المنعم العبد الكريم أن حوادث الدهس في الشوارع الداخلية، تكررت
بحيث أصبحت تشكل ظاهرة خطيرة، والتي كان آخرها مصرع ممرضة آسيوية بالقرب من
بلدة الوزية، عندما كانت برفقة زوجها الذي شاهد منظر زوجته أثناء الدهس،
لافتاً إلى أن بعض السائقين لا يكترثون بالحوادث، وذلك نابع من إدراكهم بأن
التأمين سيتكفل بدفع الأموال وتعويض الأضرار.
وأشار رمزي الموسى إلى أن الحوادث المروية في الأحساء وخارج الأحساء، أصبحت
ظاهرة بدأت بالازدياد وأخذت تحصد الأرواح البريئة حتى وصل الأمر إلى وفاة أسر
بأكملها في هذه الحوادث، ومن بين أسبابها التحدث في الهواتف النقالة أثناء
القيادة، وعدم الالتزام بالقوانين المتعلقة بالمرور، مؤكداً على ضرورة زيادة
الوعي لدى الشباب من قبل الأسرة والمدرسة والمرور من أجل أن يكون هناك احترام
للطريق وتفاد لمسلسل الحوادث المتكررة، مشدداً على أن تكون هناك قوانين حازمة
من أجل القضاء على الحوادث المرورية التي أصبحت تؤرق الكثير أثناء قيادتهم
لسياراتهم، وردع المخالفين بأشد العقوبات وعدم التهاون معهم.
الطريق الساحلي
ويعتبر الطريق الساحلي الذي يربط المنطقة الغربية والجنوبية من السعودية من
أهم شرايين الطرق الحيوية التي نفذت خلال حقبة بداية السبعينيات من القرن
الميلادي الماضي حيث يمتد لأكثر من 750 كلم ابتداء من جنوب مدينة جدة وصولا
إلى جازان ويمر بالعديد من المحافظات مثل الليث والقنفذة والدرب وعلى مدى أكثر
من ثلاثة عقود من الزمن ترسخ في أذهان أهالي تلك المحافظات الساحلية أن الداخل
لهذا الطريق يعتبر في حكم المفقود والخارج منه مولود كما يرددون دائما ومما
يزيد الحيرة والحزن أنه قد لا يخلو منزل إلا وقد فقد له قريباً أو عزيزاً في
حادث مروري بل إن كثيرا ممن رووا لـ"الوطن" عما رأوه وعايشوه على "طريق الموت"
إن صح التعبير يعتبر مأساويا حين يغيب الموت أسرا بأكملها في سلسلة الحوادث
المرورية الدامية التي تتكرر بشكل شبه يومي.
ورغم إنجاز نسبة كبيرة من مشروع ازدواجية الطريق خلال العامين الماضيين ابتداء
من منطقة "الخمرة" جنوب جدة حتى مركز "الغالة" شمال الليث إلا أن ذلك لم يمنع
من تزايد نسبة الحوادث التي يرجعها المختصون إلى عدة عوامل رئيسة منها افتقاد
الطريق على امتداده للسياج الحديدي (الشبك) الذي يمنع مرور الحيوانات السائبة
لاسيما الإبل وافتقاد اللوحات الإرشادية خصوصا عندما يكون هناك تحويلات بسبب
أعمال الصيانة ومشاريع التوسعة التي تسير ببطء شديد، كما أن أصابع الاتهام في
ارتفاع حصيلة الحوادث خلال الفترة القليلة الماضية تشير أيضا إلى مشروع نفذته
إدارة الطرق والنقل وكان في غير محله تماما ويتمثل في عمل رصيف في منتصف
الطريق السريع (بلدورات) لمسافة تزيد عن 37 كلم وبعد الانتهاء من تنفيذ
المشروع الذي كلف ملايين الريالات اكتشف أنه يتسبب بشكل رئيس في حوادث انقلاب
السيارات وبشكل مفجع مما جعل المجلس البلدي المحلي بالليث يوصي بضرورة إزالته
فورا لتقوم نفس الجهة التي نفذته بنزع تلك البلدوزرات وتهدر ملايين أخرى من
الريالات في سبيل إزالة المشروع، والذي ينم عن فساد من نوع ما وسوء تخطيط وهو
ما أثار استهجان الجمهور وقبل ذلك تسبب في حصد عشرات الضحايا خلال فترة وجيزة
جدا.
فيما يفتقد الطريق للتغطية الكاملة من قبل قوة أمن الطرق والتي لم تتسلم
الإشراف على أجزاء منه وبالتالي يفضل معظم السائقين السير بسرعة جنونية، ووفقا
لمدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة الليث العقيد محمد الغامدي ومن خلال العمل
الميداني في إنقاذ ضحايا الحوادث فإن أكثر من 40% من الحوادث التي تقع على
الطريق الساحلي تكون بسبب الإبل أو الأغنام السائبة حيث تباشر فرق الإنقاذ
بالدفاع المدني العديد من الحوادث من هذا النوع على مدار الأسبوع وأشار
الغامدي إلى أن إدارة الطرق أغفلت كثيرا دور اللوحات الإرشادية فالطريق بالرغم
من كثرة المخارج والمشاريع التي تنفذ به إلا أن عددا قليلا جدا من اللوحات
الإرشادية تم تركيبها وهو ما يجعل كثيرا من السائقين يفاجؤون وخصوصا عند السير
في الليل بوجود تقاطعات وتحويلات جديدة بسبب وجود مشاريع قد لا يستطيعون
تفاديها في الوقت المناسب.
وبينما رصدت "الوطن" إجمالي عدد ضحايا الحوادث المرورية على الطريق الساحلى
خلال فترة الـ 71 يوما الماضية، بوقوع نحو 40 قتيلا و 154 مصاباً، نجد أن
إحصائيات الحوادث خلال النصف الثاني من العام 2006م تشير إلى أن هناك أكثر من
190 حادثا وقعت في جزء الطريق الساحلي الذي يمر بمحافظة الليث فقط ويقدر بـ
200 كلم تقريبا ناهيك عن بقية الأجزاء الأخرى من الطريق والتي تشرف عليها
قطاعات وجهات مرورية أخرى وراح ضحية تلك الحوادث بمحافظة الليث 149 شخصا قضوا
في موقع الحادث مباشرة وخلفت 384 مصابا معظمهم تعرضوا لعاهات مستديمة بخلاف من
توفي منهم بعد تحويلهم للمستشفيات وتشير الإحصائيات إلى أن 24% من المتوفين في
تلك الحوادث هم من المعلمين والمعلمات وطلبة المدارس ممن يرتادون الطريق يوميا
خلال رحلة ذهابهم وعودتهم من مدارسهم كما أوضحت الإحصائية أيضا أن 79% ممن
تعرضوا للحوادث هم من فئة الشباب والأطفال.
خسائر مادية فادحة
ولا تتوقف خسائر الحوادث المرورية على حالات الإصابة والوفاة، وإنما تؤدي إلى
خسائر مادية فادحة، تتمثل في إتلاف مئات السيارات يبلغ ثمنها ملايين الريالات،
وإتلاف الطرق والمنشآت، بالإضافة إلى تكاليف العلاج الباهظة في المراكز الصحية
والمستشفيات، والتي ضاق بعضها بأعداد ضحايا الحوادث المرورية، وطالب بعضها
الآخر بزيادة عدد الأطباء والممرضين لمواجهة الأعداد الكبيرة من مصابي الحوادث
المرورية.
كلنا مسؤولون
إذا كانت الإدارة العامة للمرور والإدارات التابعة لها في المناطق والمحافظات
هي المسؤولة عن تنظيم المرور، فهي بلا شك ليست المسؤولة الوحيدة عن ارتفاع عدد
الحوادث المرورية إلى هذا الحد، فهناك جهات أخرى تشارك في مسؤولية وقوع هذi الحوادث، تأتى في مقدمتها الأسر، التي لا تبخل على أبنائها بأحدث السيارات،
ولكن تبخل عليهم بالنصيحة، متناسية خطورة ذلك، ولا تتذكر إلا بعد وقوع حادث لأحد الأبناء وفقدانه، إما بالموت أو بالإصابة الخطيرة.
أيضا هناك الجهات المسؤولة عن التشريع التي حان الوقت لأن تعيد النظر في عقوبات التفحيط الأخطاء والمخالفات المرورية، وأن تصدر تشريعات وعقوبات من شأنها ردع المواطنين والمقيمين من الاستهتار بالطريق وبأرواح الأبرياء، كما أن أمانات المناطق والمجالس البلدية، لابد وأن تسارع بإصلاح الطرق، والانتهاء من المشاريع البلدية التي تعيق الحركة وتتسبب في وقوع المزيد من الحوادث المرورية.
وأخيرا لابد أن يكون للمساجد والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام دور في منع الحوادث المرورية، من خلال التوعية المستمرة، وتعليم المواطنين والمقيمين أننا كلنا مسؤولون عن ارتفاع عدد ضحايا الحوادث المرورية، وأن الوصول متأخرا أفضل بكثير من عدم الوصول نهائيا.
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول
اختر علامتك لمتابعة أخبارها وسياراتها