المربع نت – على مدار الأشهر الماضية تابعنا معكم احتدام المنافسة بين شركات السيارات الصينية الصاعدة والشركات الأمريكية والأوروبية، سواء داخل أو خارج الصين.. وهي المنافسة التي جذبت أنظار وسائل الإعلام العالمية خاصة في ظل مخاطر الحرب التجارية التي تهدد العلاقة بين الصين والغرب.
ولكن وراء الكواليس وعلى مدار العامين الماضيين، تطورت منافسة أخرى قد تكون الأكثر اشتعالاً واحتداماً في تاريخ صناعة السيارات، بين الصانعات اليابانية والشركات الصينية، ومحل المنافسة هو السوق الآسيوي الضخم.
ونكتشف مفاجآت عند التعمق في تفاصيل وأرقام المبيعات، إذ وضح تقرير مفصل من بلومبرج أن شركات السيارات اليابانية هي الأكثر تضرراً من انهيار حصتها السوقية أمام العملاق الصيني الصاعد، متجاوزة بذلك الخسائر التي سجلتها الشركات الأوروبية والأمريكية حتى الآن.
وسنستعرض في هذا المقال أبرز تطورات العلاقة بين شركات السيارات اليابانية والصينية، والتهديد غير المسبوق الذي تمثله الصين الآن لصناعة السيارات اليابانية العريقة.
الوصول السريع للمحتوى
الصين تنتزع لقب أكبر مصدر للسيارات في العالم من اليابان
لعقود طويلة، احتفظت اليابان بمكانتها الأيقونية كأكبر دولة مصدرة للسيارات في العالم، بعد نجاح الشركات اليابانية في التوسع المذهل في جميع الأسواق الرئيسية منذ فترة سبعينات وثمانينات القرن الماضي، بداية من آسيا والشرق الأوسط ومروراً بأوروبا ونهاية بالجائزة الكبرى: السوق الأمريكي.
ولكن بخطى ثابتة وعلى مدار الأعوام اقتربت الصين من انتزاع هذا اللقب.. وبدأت الصين أولاً بتجاوز ألمانيا في عام 2022 لتكون ثاني أكبر دولة مصدرة للسيارات في العالم، وفي عام 2023، فعلت الصين ما ظنه البعض مستحيلاً منذ عقد واحد من الزمن، وتجاوزت اليابان لتكون أكبر مصدر للسيارات بالعالم.
في عام 2023، صدرت اليابان 4.4 مليون سيارة، وفي المقابل، تمكنت الصين من تصدير 5.2 مليون سيارة، بفارق 800 ألف سيارة تقريباً، بسبب عوامل متعددة، أبرزها نجاح السيارات الكهربائية التي مثلت ثلث صادرات السيارات الصينية العام الماضي، بالإضافة إلى انسحاب تويوتا ونيسان وغيرهما من شركات السيارات العالمية من السوق الروسي خلال العامين الماضيين ومسارعة الشركات الصينية لملء الفراغ واكتساح هذا السوق الهام بدون منافسة.
هل تخسر الشركات اليابانية السوق الآسيوي؟
خلال 2023، أثارت شركة بي واي دي الصينية ضجة عالمية بعد تفوقها لأول مرة على الإطلاق على فولكس واجن لتكون أعلى شركة سيارات مبيعاً في السوق الصيني، وهي إشارة قوية آنذاك لتدهور حظوظ العلامات الألمانية والأوروبية الفاخرة أمام العلامات المحلية الصينية.
ولكن المخفي هنا أن الخاسر الأكبر في الصين وباقي الأسواق الآسيوية هي شركات السيارات اليابانية، والتي فقدت حوالي 9% من حصتها السوقية في الصين خلال الأعوام الخمسة الماضية وفق بيانات بلومبرج، مقارنة بارتفاع حصة العلامات الصينية بأكثر من 23% خلال نفس الفترة في سوقها المحلي.
كما انخفضت حصة السيارات اليابانية في أسواق سنغافورة وتايلاند من 50% في عام 2019 إلى 35% في عام 2024، مع تراجع مماثل في ماليزيا وغيرها من الدول الآسيوية، في نفس الوقت الذي حققت فيه العلامات الصينية توسعاً شرساً في هذه الأسواق المحورية.
ربما أبرز دولة تجسد تقلب الأوضاع في آسيا هي إندونيسيا، والتي هيمنت الشركات اليابانية على سوقها بالكامل لعقود طويلة، لدرجة أن أكثر من 99% من السيارات الجديدة المباعة هناك كانت يابانية حتى عام 2019، وأسست العلامات اليابانية قاعدة إنتاجية واسعة هناك بما يشمل مصانع تابعة لتويوتا وميتسوبيشي وهوندا وسوزوكي وغيرهم.
ولكن بعد أسابيع معدودة من انطلاق علامة بي واي دي الصينية لأول مرة في السوق الإندونيسي خلال يونيو 2024، قفزت العلامة إلى المرتبة السادسة في ترتيب مبيعات السيارات في إندونيسيا، بفضل النجاح الكبير لسياراتها الكهربائية وخاصة سيارة Seal هاتشباك، في نفس الوقت الذي انهارت فيه مبيعات نيسان وعدد من الصانعات اليابانية الأخرى في إندونيسيا على مدار العام الجاري.
السيارات الكهربائية نقطة ضعف اليابان، والسيارات الهجينة نقطة قوتها
كما ذكرنا بالأعلى، من أهم العوامل التي ساهمت في نجاح وانتشار السيارات الصينية سواء داخل سوقها المحلي أو في الأسواق العالمية مثل آسيا وأوروبا هي شعبية السيارات الكهربائية الصينية، وتقنياتها المتطورة وسعرها التنافسي.
ونشير بشكل خاص إلى تكنولوجيا البطاريات الكهربائية التي طورتها الشركات الصينية مثل CATL وبي واي دي بشكل مستقل، وتتميز بأداء ومدى أفضل بكثير من المنافسة الغربية، مع أسعار أرخص، ما سمح للصين بالاستحواذ على حصة الأسد من سوق البطاريات العالمي، مقدرة بحوالي 85%.
هذه هي بدون شك نقطة ضعف محورية لصانعات السيارات اليابانية، وعلى رأسهم تويوتا، والتي اشتهرت برفضها المتكرر للاستثمار بشكل واسع في السيارات الكهربائية وانتقادها للوائح وقوانين الانبعاثات القاسية التي صدرت مؤخراً من الاتحاد الأوروبي وأمريكا وغيرهما.
ضعف تواجد تويوتا وغيرها من العلامات اليابانية في الفئة الكهربائية ساهم في تدهور حصتها السوقية أمام العلامات الصينية التي أغرقت السوق الآسيوي والأوروبي بموديلات كهربائية مغرية في سعرها ومواصفاتها.
ولكن في المقابل، قررت تويوتا الاستثمار بشكل واسع في المحركات والموديلات الهجينة عالية الكفاءة، وهو استثمار بالغ الذكاء، وساهم في احتفاظ الشركة بلقب صانعة السيارات الأعلى مبيعاً في العالم خلال 2023 رغم ضعف مبيعاتها الكهربائية.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ تظل تويوتا مهيمنة في فئة شاحنات البيك أب داخل السوق الآسيوي، بموديلات أيقونية يصعب التفوق عليها مثل هايلكس، وهي فئة عجزت العلامات الصينية عن اقتحامها بشكل جاد حتى الآن.
الشركات اليابانية تحاول مقاومة الفيضان الصيني واستعادة حصتها السوقية
بدأت العلامات اليابانية مؤخراً بالإعلان عن مبادرات جديدة تهدف للمنافسة بشكل أفضل أمام السيارات الصينية التي اكتسحت آسيا والأسواق العالمية مؤخراً، ولا سيما في الفئة الكهربائية.
أولاً قررت العلامات اليابانية التحالف ومشاركة الخبرات والاستثمارات للتعجيل من وتيرة تطوير السيارات والتقنيات الجديدة، ومن أبرزهم تحالف هوندا وميتسوبيشي ونيسان الذي تم الإعلان عنه منذ أشهر بغرض تطوير منصات وتقنيات كهربائية جديدة.
وأعلنت الحكومة اليابانية هذا العام عن استثمار جديد بقيمة 2.4 مليار دولار في مشاريع تويوتا ونيسان وPanasonic، تهدف لتطوير وبناء بطاريات كهربائية مبتكرة جديدة، في محاولة لمنافسة العملاق الصيني في هذا القطاع.
كما أكدت تويوتا مؤخراً على تمسكها بمحركات الهايبرد المبتكرة، مع تأسيسها لتحالف مع سوبارو ومازدا يهدف لتطوير محركات 4 سلندر 1.5 لتر و2 لتر جديدة عالية الكفاءة للاستخدام في سيارات العلامة بداية من 2026 ضمن مشاريع أخرى مندرجة تحت التعاون الاستراتيجي.
اقرأ أيضاً: “تقارير المربع” سلسلة من الاعترافات الصادمة تزلزل صناعة السيارات اليابانية
شاهد أيضاً:
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول