المربع نت – تعد حادثة “الانسحاب العظيم” أحد أبرز المحطات في تاريخ فيراري بحكم أنها كادت تقضي على صانعة السيارات الإيطالية.
يصف البعض الحادثة بأنها تمرد تقليدي لأفضل مهندسي فيراري، لكنّ هذا التمرد لم يكن ليسبب “الانسحاب العظيم” لولا أسلوب اينزو فيراري في إدارة الشركة.
شخصية اينزو الصارمة والتي كانت عاملا إيجابيا في حسمه سباقات السيارات تجسدت في صورة الرئيس الديكتاتوري عندما أصبح مالكا لعلامة فيراري، يلخصها البعض في مقولة إيطالية “إن لم يعجبك الوضع هنا أو ما أفعله، فأنت حر لتفعله بطريقتك لكن في مكان آخر”.
الأحداث المؤدية للانسحاب العظيم تشبه قليلا “ليلة السكاكين الطويلة”؛ بعبارة أخرى، كان اينزو يسرح أو يستغنى عن موظفي وشركاء فيراري الذين يبدون اعتراض إدارته، ليغادر مهندسين ومصممين بارعين على مر السنوات. لكن ما زاد توتر علاقة اينزو بالموظفين كانت زوجة اينزو– لورا جاريلو.
تأثير لورا على إدارة فيراري لم يكن مرضيا لشخص من كبار المسؤولين بشكل خاص. مدير المبيعات –جيرولامو جارديني، حتى أن تجادل كثيرا مع اينزو قبل أن يهدد باستقالته أو إخراج لورا من المعادلة، وهو ما لم يكن ليذعن له اينزو الصارم ليقوم بعدها بتسريح جارديني الذي لم يكن حجر أساس في خطط الشركة المستقبلية.
وكان هناك ذوي شأن آخرين في فيراري لم يعجبوا بتدخل لورا التي عرفت بذمها وانتقادها انجازات الشركة، هم: جيوتو بيزاريني (مدير تطوير السيارات الرياضية) وكارلو شيتي (رئيس المهندسين) ورومولو تافوني (مدير سكودريا فيراري) وخمس مؤثرين آخرين، رغم أن كل ما فعلوه حينها كان إرسال شكوى موقعة تتعلق بتدخل لورا في شؤون سكودريا فيراري –فريق السباقات. لكن ما إن وصلهم خبر طرد جارديني حتى قاموا جميعا بمغادرة صانعة السيارات الإيطالية عام 1691، وهو ما يعرف بـ”الانسحاب العظيم”.
وزامن الانسحاب العظيم عدة مآسي، منها مقتل نخبة من فريق السائقين في مسارات السباق حتى كتبت بعض المجلات أن صانعة السيارات في مهب الريح لأنها “مبنية على أشخاص ميتين” في إشارة لمقتل كلا من أوجينيو كاستيلوتي في حلبة مودينا أوتودرومو 1957، وبعده بأقل من شهر فون دي بورتاجو في آخر سباقات ميل ميغليا وأكثرها دموية، ثم مقتل لويجي موسو العام الذي يليه في سباق فرنسا جراند بريكس في رانس، ثم بيتر كولينز بعده بأسابيع في حلبة نوربورغرينغ التي أسماها البعض “الجحيم الأخضر”.
ومع ذلك، لم يمنع ضحايا سكودريا فيراري فوز الفريق ببطولة العالم للسائقين وكأس العالم لسباق فورميلا 1 عام 1961 بفضل فيل هيل وسيارة فيراري 156 المميزة بتصميمها. لكن يقال أن الانسحاب العظيم في هكذا ظروف شجع فيروتشيو لامبورجيني أن يبدأ شركة سيارات رياضية منافسة، كذلك خسارة فيراري أمام فورد في لومان من 1966 إلى 1969، وذلك كان كفيلا لإجبار اينزو على إغلاق فيراري.
بل ويمكن القول أن المهندسين والمصممين الذين غادروا فيراري تسببوا بأكبر ضرر للشركة، ليس مجرد ضربة للعلاقات العامة وفقدان فعلي للموهبة وحسب، بل إنهم على الفور وبقيادة المسؤولين الكبار تجمعوا تحت شركة ATS لسيارات السباق في تحدي منهم لفيراري.
لحسن الحظ لم تنجح أي من أحداث ستينيات القرن الماضي البائسة في وضع حد لحياة فيراري التي عادت في صورة أقوى وأكثر تطورا في العقود المتعاقبة، لكنها كانت عرضة إلى ذلك، وهو ما يشرح أهمية الموظفين في الشركات.
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول
اختر علامتك لمتابعة أخبارها وسياراتها