تتفاعل شرائح كثيرة في أي مجتمع بأي منتج جديد على اختلاف أنواعه وأشكاله واستخداماته فتحتفي به وتطلق عليه العديد من المسميات غير التي خرج بها إلى الوجود إما كنوع من التدليل أو تسهيل تداولها بأسماء طريفة وخفيفة على اللسان دون النظر بالطبع إلى خفتها على "الجيوب". وتختلف هذه المسميات باختلاف الثقافات من مجتمع لآخر.
وبالطبع يعد سوق الجوالات من أكثر النماذج التي تؤكد سيادة هذه الثقافة الجديدة فبلا شك اختلاف الأجهزة في أشكالها وأنواعها ومدى جودتها وفخامتها يشكل بيئة خصبة لابتكار المزيد والغريب من الأسماء مثل "العنيد" وعائلته و"برج العرب" و"الفيصلية" و"الشيطان" و"الشبح" و"الدمعة" وعائلتها و"الفارس" و"الهمر". وكذلك سوق الأسهم شهد هو الآخر الكثير من الأسماء الطريفة التي تعبر عن حركة الأسهم صعودا وهبوطا.
ويبدو أن الوافد الجديد في السوق وهو البنزين من نوعية "أوكتين91" استحوذ هو الآخر على انتباه قائدي السيارات والعاملين في محطات الوقود الذين أفسحوا مجالا لماكينات الضيف الجديد بجوار شقيقه "أوكتين 95" الذي كان يشعل غرف الاحتراق وحيدا. فلم تكد تمر بضعة أيام على ظهوره حتى بدأ الناس يستثقلون اسمه وشرعوا يبحثون عن أسماء بديلة فظهرت أسماء مثل عبارات "أبو 45" للدلالة على سعره أو "ديو" وهو مشروب للطاقة للدلالة على مفعوله وعلى لون ماكيناته الخضراء وبالطبع فإن شقيقه نال أيضا جانبا من التكريم ربما للعلاقة الوثيقة التي تربطهما فاكتسب لقب " أبو 60" للدلالة أيضا على سعره أو " فراولة" للدلالة على لون ماكيناته الحمراء.
عدد من قائدي السيارات أكدوا أن التسميات تعبر بالفعل عن ثقافات ومدلولات معينة لكنها في النهاية تهدف إلى إيجاد أسماء أكثر سهولة في التداول بدلا من الأسماء الأصلية.
وفي الوقت الذي انتشرت تلك المسميات على نوعي الوقود إلا أن البعض ما زال يجهل النوع الأفضل لسياراتهم فتجدهم حائرين أمام عمال المحطة هل يستخدمون الـ"ديو" أم بـ"الفراولة". لكن عاملين في بعض المحطات قالوا إن الطريف في الأمر أن العديد من قائدي المركبات الذين يطلبون النصيحة بشأن الوقود الأنسب لسياراتهم يتجاهلون أحيانا كثيرة "الفراولة" من نواحٍ اقتصادية بالطبع باعتبارها أعلى كلفة.
وقال عامل في محطة وقود في شارع الملك سعود بالدمام إن الكثيرين يطلبون الوقود واتفق معه عامل آخر في محطة وقود في شارع العليا العام بالرياض مع رأي سابقه مؤكدا أن الريادة الآن لـ"ديو"
وذكر كل من خالد الوايلي سلطان الشمري إنهم بالفعل في حيرة مع المسميات الجديدة ونوعية الوقود في الوقت نفسه رغم أن "أرامكو" وزعت كتيبات إرشادية تسهل التعرف على النوعية المناسبة لكل سيارة.
من جانبه علق استشاري الطب النفسي في مستشفى الصحة النفسية في أبها الدكتور علي زائري على موضوعات التسميات قائلا إن الأمر يمكن أن يكون ظاهرة صحية وهي موجودة في كل المجتمعات تقريبا ويقصد منها إحداث نوع من التغيير أو إرسال إشارات معينة نحو حدث ما أو موضوع ما وهي دليل على تفاعل أفراد المجتمع مع الأحداث والمتغيرات التي تحيط بهم.
وأكد أن هناك مدلولات نفسية ترافق عملية إطلاق التسميات وتعبر عن حالات نفسية لدى مطلقيها وهي في الغالب لا تتجاوز: الفكاهة والاعتراض، والتصنيف. فالفكاهة تعبر عن حالة نفسية ومزاجية معينة أما الاعتراض فهو تعبير عن رفض معين لاتجاه ما محدد لكن بطريقة مستترة أو مقبولة شكلا لكنها تؤدي في الوقت نفسه الغرض منها مثل ما يحدث في عملية إطلاق النكات التي تحكي أحيانا مشكلات اجتماعية محددة لكن في قالب مقبول اجتماعيا لكنها تلفت النظر إليها بكثرة تداولها بين الناس. أما بالتصنيف فهو أمر يتعلق بمحاولة تسهيل تصنيف الأسماء بشكل يسهل استيعابها والتعرف عليها بسهولة بدلا من بعض الأسماء التي قد تكون صعبة أو بلغات أجنبية.. أو يمكن أن تكون متعلقة أيضا بمجرد الرغبة في التجديد.
أما شخصية مطلقي تلك الأسماء فقال زائري إنها في الغالب شخصيات متفاعلة تتميز بشبكة واسعة من العلاقات الاجتماعية على مختلف المستويات ولديها خيال واسع يمكنها من القدرة على الابتكار.. وهذه الشخصيات من أبرز سماتها أنها تدفع، بقصد أو بغير قصد، إلى تشكيل وتوجيه البناء الاجتماعي وتشكيل شخصية الأفراد. أي إن العلاقة هنا هي علاقة تفاعلية متحركة وفي تغير مستمر وأي تغيير يطرأ على أحد طرفي العلاقة يعني تغييراً فيهما معاً.
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول
اختر علامتك لمتابعة أخبارها وسياراتها