الرياض – ندى الربيعة
ولماذا سمحوا لأبنائهم بالقيادة مبكراً؟ وهذا التصرف الذي بدر من الأهل الا يعتبر دلالا زائدا عن الحد المعقول وتفريطا؟ أم ان حاجة ماسة دعتهم إلى ذلك! الحقيقة أن لكل أسرة ظروفها الخاصة التي أجبرتها على تسليم ابنها لمقود السيارة مما يستدعي للتساؤل لماذا؟ وإلى متى؟
نوال (أم محمد) وتضيف بأن زوجها هو من سمح للابناء بالقيادة في سن مبكرة وأعطاهم الضوء الأخضر للاستمرار والذي شجعهم على ذلك أيضاً مجتمعهم ومن حولهم من الأقارب فبالإضافة إلى أبيهم هناك أعمامهم الذين يسمحون بتولي أبنائهم القيادة قبل السن القانونية بحجة أنهم حينما كانوا في عمرهم كانوا يقودون السيارة ولم يصبهم مكروه!! وبالنسبة لي فأنا غير راضية أبدا عن هذا الموضوع وضده، ولكن ماذا افعل؟ ليس بيدي حيلة فالأمر بيد والدهم هو الذي يتحمل المسؤولية على أية حال..
وعن المخالفات المرورية ومحاولة اللعب بالسيارة أثناء القيادة تقول أم محمد انه لم يبدر من الابناء إلى الآن أي مخالفة مرورية ذلك لأن والدهم يشدد عليهم دائما ويحذرهم من السرعة أو التفحيط وغيره ومع ذلك فأنا لا أطهرهم من الوقوع في المخالفات ولكن نرجو من الله أن يحفظهم.
رقابة خفية
وترى أم عبد العزيز من وجهة نظرها أن الأبناء يتأثرون بمن حولهم من الأصدقاء أو الأقارب وربما أيضا من وسائل الإعلام وتقول: كيف سأمنع ابني من قيادة السيارة بينما جميع من هم في سنه ممن حوله يفعلون ذلك، لسنا وحدنا من يربي الأبناء ولسنا راضين بالفعل عن مثل هذه التصرفات ولكن نحن مضطرين بسبب إصرارهم الشديد ورغبة منهم في تقليد من هم اكبر منهم سناً.. والحقيقة اني لم أعارض حينما طلب ابني قيادة السيارة لأول مرة وذلك لأني زرعت فيه الثقة بنفسه وبتصرفاته وأشعرته بأنه قادر على تحمل المسؤولية وبنفس الوقت لم اغفل عن مراقبته خفية وبدون أن يشعر والنتيجة انه لم يحاول التمادي في طلب السيارة ولا اللجوء للحيل وافتعال المشاكل لكي يحصل عليها.
خطأ وندم
اكبر خطأ يقع فيه الأهل هو الحرص على تعليم ابنهم القيادة في سن مبكرة وهذا ما يجعله يتعلق بها ويبدأ بطلب قيادتها باستمرار من منطلق انه أصبح رجلا قادرا على تولي مثل هذه المسؤولية كما تؤكد أم محمد وتقول: ندمت ندماً شديداً على تشجيع ابني على تعلم القيادة وهو في سن صغيرة فبمجرد منعنا له أصبح يسبب لنا ضغطا نفسيا شديدا وإلحاحا متواصلا لأنه يرى بأن الرجولة فقط في الجلوس خلف مقود السيارة فتخوفت من أن يأخذ مفاتيح السيارة بالخفية ومن دون علمنا أو أن يذهب مع أصدقائه للتفحيط أو لممارسة القيادة في أماكن وأوقات لا اعلم عنها، ولا ننسى أن الغيرة هنا تلعب دوراً كبيراً في مثل هذه الأمور فهو يرى احد أقاربه وأصدقائه من هم في مثل سنه يسمح لهم أهاليهم بالقيادة، وهذا خطأ كبير وقعنا فيه نحن الأهل ونتحمل نتيجة أخطائنا وكذلك احمل المرور المسؤولية المشتركة في هذه المشكلة فبعض أفراد المرور يتعاطف ويتساهل معهم بحكم أنهم صغار ولا يتحملون العقاب فنتمنى أن يكون لرجال المرور موقف حازم على الأقل للتخويف والهيبة.
الغيرة
(محمد) طالب في المرحلة المتوسطة بدأ ممارسة القيادة في سن 15 سنة وهو أول النماذج التي حاولنا الوقوف من خلالها على بعض الأسباب الحقيقية التي تستهوي الشباب لقيادة السيارة في سن مبكرة ويقول: أصدقائي لديهم سيارات خاصة بهم ليست مشتركة مع الأهل ويستخدمونها في جميع مشاويرهم ومنها المدرسة وهذا ما أشعل نار الغيرة لدي وجعلني أفكر في نفسي وأقول ما المانع أن يكون لدي سيارة طالما أنني تعلمت قيادتها فعندما عرضت الفكرة على والداي عارضاني ورفضا مبدئياً فأصبحت استعمل السيارة خفية وفي داخل الحي فأنا أخاف جداً من الحوادث ومن المشاكل.. حاولنا أن نعرف مدى تأثره بنتائج حوادث صغار السن التي يتسببون بها والا يخشى أن يكون واحداً منهم فقال إن هؤلاء ليسوا على قدر كاف من التعليم والتدريب واغلب هؤلاء تجدهم في طور التعلم لأنهم بمجرد أن يبدؤوا بالجلوس خلف المقود يثقون بأنفسهم وقدراتهم على الطرقات والشوارع الرئيسية وهذا خطأ.. وعن المخالفات المرورية قال: نعم تعرضت لموقف بسيط مع المرور ليلاً والوقت كان متأخراً والمرور كان مزدحماً فتجاوزت الرصيف وأوقفني رجل المرور ولم يفعل شيئا بل تعاطف معي نظراً لتأخر الوقت وسمح لي بالمغادرة.
بدلا من السائق
ويقول أبو محمد: بداية نحن لم نسلمه السيارة للقيادة بصفة رسمية أو في الأماكن التي فيها سرعة أو تهور، وسمحنا له بالقيادة لأن ذلك سيجنبنا مشاكل نحن في غنى عنها مثل اختلاسها سراً أو تجربتها في أماكن خطرة فهذه فترة مراهقة ويجب على الأب فيها أن يكون مع أولاده ويستمع لهم ويشرف عليهم وتعتبر هذه تجربة وسيمر بها معي أو مع غيري.
وما من طريقة نجحت لإشغال ابنه عن هذا الموضوع كما يقول ابو محمد: حاولت أن اشغله كثيراً ولكن هذا المجال الذي يحبه ويلفت انتباهه ويستهويه فبالتالي مهما جذبته سيكون صعباً علي قمعه.. وبالتالي فإنه يفضل قيادته على السائق الأجنبي من ناحية الأمان أو من ناحية الراحة نوعاً ما وبنفس الوقت لا يعتمد عليه في مشاوير طويلة مهما يكن فإنه يعتبر قليل التجربة والخبرة..
نصيحة أم
تحكمت العاطفة في والدة (مشعل) لدرجة أنها لبت له رغبته بكل امتنان متأثرة أيضاً بطريقة تعامله معها ومع بقية أفراد الأسرة جميعاً وعن ذلك تقول: تعلم ابني القيادة على يد السائق وكان عمره صغيراً فلم اعر الأمر اهتماماً كون الموضوع لم يتعد حاجز التسلية ولكنه طلب القيادة رسمياً وبدأ يضغط علي بطريقة ذكية ولطيفة في نفس الوقت وأقنعني بطريقة محترفة أن جميع أصدقائه لديهم سيارات خاصة بهم وان وضعه محرج بينهم فهو الوحيد الذي لا يملك سيارة خاصة، وبالتالي أنا كأم لا استطيع أن أراه بهذا الوضع وشعرت ناحيته بالرحمة والعطف وسمحت له واشتريت سيارة خاصة له وعلى طلبه. ولكن كانت المفاجاة! تقول أم مشعل اكتشفت ان ابني من النوع المتهور ومخالفاته كثيرة وليس لديه وعي أو إدراك على الرغم من احترافيته في القيادة وعندما حاولت معاقبته على ذلك لم استطع اخذ السيارة منه نهائيا لأن الأمر خرج من يدي والفأس وقعت في الرأس وانصح كل أم بأن لا ترضخ لطلبات ابنها ولا تأخذها الرحمة والعاطفة في مثل هذا الموضوع مهما بلغت الأسباب أهميتها فمهما كان فهم يعتبرون مراهقين وتعرضهم والآخرين للخطر المحدق وهذه مسؤولية أمام الله وسنسأل عنها..
ومن جهته يرى (مشعل 15 سنة) كغيره من الشباب أن قيادة السيارة في سن مبكرة لا تعد مشكلة طالما انه تعلم عليها ويقول: اعلم أن هذا الأمر ممنوع ومخالف لقوانين المرور ولكن ما المانع من القيادة إذا كنت متعلما ومتمكنا ثم إنني أحب قيادة السيارة وبالنسبة لي فهي هاجس ولا اكف عن التفكير بها واشعر بارتياح حينما أنجز مشاويري ومشاوير الأهل بنفسي فأنا لا ارتاح لوجود السائق الأجنبي لدينا بالمنزل. ويقول: لدي ثلاث مخالفات وحادث واحد وأما السرعة فأنا لا اعرف كم تصل لأني لا انظر إلى عداد السرعة حينما اقود وخاصة اذا كان الطريق مفتوحا فانا أسرع ولكن إذا كان مزدحما فلا مجال للسرعة.
علم النفس
الأخصائية النفسية د.أسماء الحسين (أستاذة الصحة النفسية كلية التربية الأقسام الأدبية) توضح لنا ببساطة بعض الدوافع النفسية لقيادة صغار السن للسيارة وإصرارهم عليها وتقول: بطبيعة الحال تتمثل هذه الحالة في إثبات الذات، ومسايرة الأقران، ولأن السيارة تمثل رمزا للحرية، والانعتاق من التبعية، مع ما في القيادة مبكرا من المتعة.
وأما بالنسبة لطريقة تصرف الأهل عندما يبدأ الابن بالإلحاح بطلب القيادة فتقول د.أسماء بأن القضية ليست استجابة لمطلب أو خلاص من إلحاح، بل إن القضية لها أبعاد أخطر من ذلك، لأن المسألة تتعلق بأنظمة ولوائح مرورية وطاعة ولاة الأمر بل وبسلامة الارواح.
والشباب في هذا السن المبكر يتسمون بسمات الاندفاعية، وحب التقليد، ولفت الانتباه وفي هذه الفترة يكون الفرد غير ناضج انفعاليًّا، وخبرته محدودة، وتحديدا تمتاز الفترة الأولى من مرحلة المراهقة بأنها فترة انفعالات عنيفة، وهي فترة التطرفات السلوكية التي تتميز بالعواصف والتقلب وعدم الثبات بل إن من معاني المراهقة في اللغة السفه والتهور وركوب المخاطر، فقد لا يخلو الأمر من مخالفات مرورية كالسرعة الجنونية والتفحيط، والمزاح أثناء القيادة والتنافس الشديد أو السلبي بين الرفاق، وإزعاج المارة بالشارع من خلال رفع صوت المسجل أو الراديو، وشرها يشمل صاحبها وغيره.
وعن الطرق والبدائل المقترحة التي من الممكن أن تكون فاعلة لشغل الأبناء عن فكرة قيادة السيارة مبكرا ًتقول د.أسماء: على الأهل إقناع أنفسهم أولا ثم أبنائهم ثانيا بخطورة مثل هذا الأمر وضرورة التأني فيه، ومعرفة نسبة الحوادث والأخطار من قيادة غير البالغين خاصة. وعلى الآباء توجيه أبنائهم المراهقين إلى شغل أوقات فراغهم بما يفيد من خلال بعض الأنشطة الترويحية التي حث عليها الإسلام مثل: ألعاب الفروسية، والمصارعة، والصيد، والسباق، وغيرها من الرياضات المفيدة، كذلك توجيههم إلى فضيلة العلم وأهميته؛ ليشغل المراهق أكثر وقته في القراءة والاطلاع. وكذلك تربية المراهقين على احترام المعايير والأنظمة الاجتماعية واحترام رأي الوالدين، ويأتي ذلك بأساليب تربوية جيدة بعيدا عن القسوة والعنف، والإكراه، بل من خلال الحكمة وإبراز دافع الحب والخوف والأهمية. وأيضاً التهيئة للقيادة والتدريب المستمر عليها في حالة الضرورة ووقت الفراغ ويكون ذلك تحت إشراف ومتابعة مستمرة من الوالد والأسرة، ويمكن أن يلتحق الشاب الصغير في دورات خاصة بذلك ولفترة كافية حتى إلمامه بكافة فنيات القيادة ويشعر بأنه في حالة تهيؤ جيد لها.
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول
اختر علامتك لمتابعة أخبارها وسياراتها