الأحساء – زهير الغزال *
مجلة نادي السيارات التقت بعدد من المفحطين، والاهالي الذين تضرروا من التفحيط الى جانب متخصصين عبروا عن رأيهم في هذه الظاهرة.
يعترف ابو مروان بأنه مارس التفحيط، ودافعه لذلك التشجيع وحب الشهرة من قِِبل الشباب الذين يسكنون في الحي، وبعد الانتهاء من التفحيط لم يتوقع بأن هناك عيوناً تراقبه حيث فوجئ بإيقافه في السجن، وأكد أنه ندم أشد الندم على تصرفه، ولن يكرر ما فعله نتيجة التجربة التي مر بها.
واكد الشاب ب.ص.ع أن من هواياته المفضلة التفحيط وقال: يستهويني أن أقوم بالتفحيط لتسلية نفسي وكذلك الاستعراض أمام الناس، حيث أقوم بالتفحيط في أماكن تجمع الشباب أو في مكان معروف مخصص للتفحيط يسمى (ساحة التفحيط أو الميدان).
حيث يدخل الشخص إلى هذا المكان ثم يبدأ التحدي بين الشباب لتحديد الأفضل أو الأحسن أثناء التفحيط وبعض الشباب يقومون بالعبث بالسيارة كتعديل الماكينة لاعطائها قوة اضافية.
واشار ابو بندر الى أن من يقوم بالتفحيط هو الشاب المراهق أو بالمعنى الصحيح الشاب المتسكع في الشوارع الذي يريد أن يكون هو الأفضل ويلفت انتباه الناس بحركاته الخطيرة دون مراعاة للاخرين وحياتهم.
طاش هو السبب
ويقول أبوسامي احد المفحطين: دائماً أقوم بالتفحيط إذا رأيت مجموعة من الشباب متجمعة امام أحد الأماكن وأقوم بالتربيع والاستعراضات البهلوانية، لكي أكون محل أنظارهم وأنال إعجابهم وأنا أبحث عن الشهرة بالتفحيط لكي أكون محور حديث هؤلاء الشباب وبصراحة يستهويني التفحيط يوماً بعد يومٍ ويعود ذلك إلى مشاهدتي لافلام المطاردة البوليسية وكذلك بعض اللقطات لسيارات تقوم بالتفحيط وأنا أقوم بالتحدي مع زملائي بعد مشاهدة تلك الأفلام.
وتحدث أبو سعد عن بداياته في ممارسة التفحيط بقوله: لقد أبهرتني تلك اللقطة من مسلسل (طاش ما طاش) عندما قامت الشرطة بمطاردة المفحط صاحب السيارة (الموستنج) وهو يقوم بالتفحيط في مكان شبه ضيق جداً وأعجبتني وقلت لأحد زملائي إني أفكر بالطريقة نفسها لكي أقوم بالتفحيط وشجعني زميلي وقمنا بالتجربة، ونجحنا بالفعل واصبحت اكررها باستمرار.
ويقول أبو طلال: دائماً ما اقوم بالتفحيط أمام الاولاد خاصة الذين أراهم متجمعين في مكان معين، حيث أقوم بالاستعراض لانال إعجابهم.!!
ومن جانبه يقول أبو ساري: أقوم بالتفحيط أمام ساحات المدارس وخاصة في أوقات خروج الطلبة، حيث أقوم بالاستعراض والمغامرة وذلك للفت الانتباه وتشجيع الطلبة على الركوب معي.
استنكار
وعبر عدد من المواطنين عن آرائهم بهذه الظاهرة الخطيرة وسبل مكافحتها وتوجه في البداية ابو فيصل بدعوة للجميع وخصوصاً الآباء لمراعاة أبنائهم والانتباه لما يفعلونه وتربيتهم التربية الصحيحة ليكونوا قدوة لغيرهم وعدم تسليم الشاب المراهق سيارة وهو لم يتجاوز (13) عاماً، وهذا ما نراه حالياً للأسف حيث تذهب أرواح بريئة بسبب الإهمال واللامبالاة من الآباء لأبنائهم حيث لا ينفع الندم إذا وقع الفأس في الرأس.
ويستنكر محمد بن علي الملا هذه المشاهد غير الحضارية التي تقوم بها فئة متهورة من الشباب يستخدمون سياراتهم في مشاهد استعراضية مميتة معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر ويشير الى ان التفحيط يتم في اكثر من موقع بمدينة الاحساء ومن أبرزها مرتفعات حي المسلخ وشارع الكورنيش وجبل الأربع وجبل القارة.
وتُقام هذه المشاهد أمام حشد كبير من الشباب المشجع لمثل هذه الاستعراضات وذلك يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع.. وقد حدثت في هذه الساحات أكثر من حادثة مميتة وتسببت بإصابات بالغة وعاهات مستديمة.
اجراء حازم
ويقول عدنان بن عبدالله الشيخ صالح.. يلجأ بعض ناقصي الوعي من أصحاب السيارات إلى التفحيط والإزعاج مما يجعل خطرهم قائماً على الأطفال وكبار السن عند عبورهم للشارع ويرى ان الذين يجتمعون لمشاهدة استعراض هذه الفئة إنما يساهمون في زيادة أذاهم على الآخرين لذا فإن الإجراء الحازم تجاههم سيوقف تصرفاتهم ويحمي غيرهم وبالذات في العطلة الأسبوعية.
ويقول عباس بن علي الرضا: انتشرت ظاهرة التفحيط بين شبابنا وللأسف الشديد هناك من يشجع هذه الظاهرة من المواطنين على الرغم مما تمثله من خطورة على حياة الفرد، ويضيف: يجب ألا نقع في أخطاء نحن في غنى عنها ويجب أن يُدرك الشباب أن انتماءهم لهذا الوطن الغالي يتطلب منهم المحافظة على عاداته وتراثه وقيمه الأصيلة والمحافظة أيضاً على حياة وأرواح المواطنين حتى تنتهي ظاهرة التفحيط.
ويشير عباس بن علي الملا إلى معاناته مع التفحيط والضرر الذي لحق بمحله عندما جاء أحد المراهقين يمارس التفحيط ولم يسيطر على السيارة فاصطدم بالمحل وفر هارباً.
ويقول قاسم بن عبدالله الهلال: للأسف هناك من شبابنا من لا يعرفون سوى الاستعراض في الشوارع بالسيارات والتفحيط الذي غدا من المشكلات الظاهرة بسبب سوء الرقابة الأسرية وعدم شعور الأهل بالخطر الذي اقترفوه بأيديهم عندما يسمحون لصغارهم بقيادة السيارات ويفحطون من حي إلى آخر وقد تصل النتائج إلى ما لا يحمد عقباه.
ويصف مشهدا مرعبا: نشعر بالفزع حين نسمع صوت الفرامل وننهض مسرعين نحو النافذة ممسكين بقلوبنا خوفاً من وقوع حادث أو إصابة بعض الأطفال الذين يلعبون في أرجاء الحي ونتفاجأ بابتسامة ساخرة من صاحب السيارة الذي يقوم بالتفحيط والتربيع في الشارع وكأن شيئاً لم يكن.
المرور يحذر
يؤكد مدير إدارة مرور منطقة المدينة المنورة العقيد سراج بن عبدالرحمن الكمال ان التفحيط من أخطر الظواهر المرورية التي نشهدها هذه الأيام ويقوم بها فئة من الشباب الذين نعول عليهم الكثير في سبيل تطوير ورقي هذه البلاد وتساءل عن اسباب التفحيط وقال: شباب في مقتبل العمر رزقهم الله الصحة والعافية وشيئاً من السعة في العيش ورغد الحياة وامتلك مركبة صنعت لقضاء الكثير من الحوائج الضرورية فلم يحمد الله على ما وهبه وسخره له فخالف الأعراف والقيم واستخدم هذه المركبة في إيذاء نفسه ومن حوله، وحوّل حياته إلى جحيم بأعمال قد يرى أنها بطولة وافتخار ولم يوفر جهده وطاقته التي منحها الله سبحانه له فيما يخدم الإسلام والمسلمين وتعدى على حقوق الغير بالطريق وحوله إلى بحر هائج من الممارسات الخاطئة التي ومن منطلق الحرص على شباب هذه الأمة أدعو الله عزّ وجلّ أن يلهم الشباب رشدهم ويوفقهم لما يحبه ويرضاه وأرجو من كل شاب يقوم بعملية التفحيط أن يحاسب نفسه بنفسه وخاطب الكمال الاولياء: لي مع أولياء أمور هذه الفئة من الشباب وقفة وهي مراعاة الله في أبنائهم لكونهم مسؤولين أمام الله أولاً وأخيراً عن كل ما يصدر منهم من ممارسات خاطئة فولي الأمر هو من هيأ الأسباب للأبناء للقيام بالممارسات الخطيرة التي قد تؤدي إلى التهلكة وقد نهانا ربنا عن ذلك، وإنني أقدم نصيحتي لولي الأمر لعرض ابنه على طبيب نفسي إن شعر أو أحس أن هناك توجهاً غير سليم من ابنه فهذا مرض نفسي، إن ترك استفحل أمره إلى ما لا يحمد عقباه مستقبلاً، والخاسر الأهل والوطن.
فراغ الشباب
وتحدث الشيخ راضي بن ناصر السلمان إمام وخطيب بمحافظة الأحساء عن هذه الظاهرة بقوله: يعيش شباب اليوم فراغاً قاتلاً وخصوصاً في أيام الإجازات الأسبوعية والصيفية، فإذا لم نستطع ترشيد ذلك الفراغ فإن الشباب سيملؤونه بكل ما هو سيئ وفاسد، ولعل انتشار ظاهرة التفحيط هي أبرز مظاهر إشباع هذا الفراغ.
بالإضافة إلى أن الشباب يعتقد أنه من خلال التفحيط سيحصل على شخصية جذابة لدى قرنائه ويقترح الشيخ السلمان تكثيف البرامج التوعوية التي تشغل أوقات الشاب وتسهم في رفع الوعي لديهم ورفع مستوى الرقابة من جهة رجال الأمن لضبط المخالفين والحد من انتشار هذه الظاهرة وإيقاع العقوبات القصوى على المخالفين ليكونوا عبرة لغيرهم.
وتكثيف الوعي بمخاطر هذه العادة وخصوصاً من خلال وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
رسالة مدوية
ويرى الدكتور يوسف بن عبداللطيف الجبر المتخصص في علم الاجتماع ان التفحيط هو رسالة مدوية من هؤلاء المزعجين تعكس حجم الفراغ الروحي في نفوسهم ويقول إذا أردنا الوصول إلى الحقيقة دائماً فلا بد أن تقرأ الأحداث بعمق، وبناء على دراسة تحليلية تسبر غور المشكلة وتنظر أبعادها ومنطلقاتها وصولاً إلى تقديم سبل الاحتواء والعلاج، وبدون هذه النظرة العلمية ستكون المعالجة ضعيفة ووقتية ومحددة الأثر.
وإذا وقفنا عند هذه الظاهرة وعرضناها على بساط البحث فسيقودنا ذلك إلى نتائج قاطعة تكشف الخلل الذي يصيب البنية العقلية والنسيج الأخلاقي لشريحة من شبابنا، ويهمس الدكتور الجبر في اذن كل اسرة لمصادقة هؤلاء الشباب الذين يمضون غالب وقتهم في بحر التملل والفراغ وتطوير العلاقة معهم وكسب ودهم وتحقيق آمالهم ليشبوا على الثقة بالنفس وحب الحياة والأحياء بدلا من الانجرار وراء هذه العادة القاتلة.
التوعية والعقوبات
واكد الدكتور عبدالمنعم الحسين المتخصص في علم النفس ان السيارة نعمة من نعم الله ولا يجب أن نبدلها إلى وسيلة قتل تأكل سنوياً الآلاف وتعيق مثلهم أو أكثر.. واذا استمرينا على هذا الحال نكون قد قلبنا النعمة إلى نقمة.
وقال: الغريب أن وسائل التوعية على تنوعها لم تفلح بالحد من هذه الظاهرة، حيث تزايدت الحوادث سنة بعد سنة وتضاعفت بنسبة 40% خلال السنوات العشر الأخيرة، إذن هي ظاهرة مرعبة ولا شك. لكنها عند بعض شبابنا مجرد لعبة حيث كبار المفحطين يجدون التشجيع من الشباب بالاصطفاف والتجمهر والتغطية والتمويه حال وصول الدوريات وعدم الإدلاء بالمعلومات وإذا قبض على المفحط ثم خرج من السجن أقاموا له الاحتفالات والعزائم، ويدفع له بعض المعجبين مقابل تغيير الإطارات والأعطال التي تتعرض لها السيارة.
وتتعاظم المشكلة أكثر مع أوقات الامتحانات خاصة وان التفحيط يؤدي لجرائم اخرى اكثر خطورة.
وعن العوامل التي تدفع الشاب للوقوع في هذه الجريمة يقول: ضعف الإيمان، حب الظهور والشهرة، الفراغ، تقليد ومحاكاة رفقاء السوء، ضعف رقابة الأسرة، وغفلة الآباء، الغنى والترف.
ولكي نعالج هذه الظاهرة لابد من تضافر الجهود بالتوعية، وتشديد العقوبات على الجميع وبدون استثناء.
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول
اختر علامتك لمتابعة أخبارها وسياراتها