المربع نت – قول القصة أن شركة بي ام دبليو BMW اضطرت في نهاية حقبة التسعينيات أن تسحب سياراتها الفئة الخامسة لتعيد برمجة جهاز التموضع GPS ذلك لأن الشركة تلقت شكاوى كثيرة جدا جدا من الرجال الألمان الذين اشتروا هذه السيارة، ذلك أن جهاز التموضع كان يستخدم صوت امرأة لكي تعطي السائق إرشادات كيف يسير وأين يجب عليه أن يذهب يمينا أو يسارا. لم تكن هناك وقتها إمكانية لتغيير صوت الجهاز الرقمي من امرأة إلى رجل في هذه الطرازات، ولذا وجب استدعاء هذه السيارات وإعادة برمجتها بأصوات رجالية.
ما يزيد الطين بلة على شركة البيمر BMW أن قسم خدمة العملاء في بداية المشكلة حاول تهدئة روع المشتكين بأن أكدوا لهم أن كل من عملوا في صنع هذا الجهاز وصمموه وبرمجوه هم من الرجال، فعالجوا المشكلة بأن صنعوا مشكلة أخرى، إذ نزلت عليهم الاتهامات بأنهم يحابون جنسا دون الآخر وأنها شركة تفضل الرجال وتحتقر النساء وتقلل من شأنهم، أو ما يمكن ترجمته بأنه صداع قوي لقسم العلاقات العامة في شركة بي ام دبليو .
طبعا لأن الألمان أهل علم ودراسة، لا غوغاء واتهامات دون دليل، بدؤوا يحاولون معرفة سبب هذه المشكلة، وتبين لهم ببساطة أن الرجال الألمان لا يقبلون على أنفسهم أن يأخذوا الأوامر والاتجاهات من امرأة ولو كانت صوتا رقميا مسجلا!
سائقو بي ام دبليو من الألمان لا يقبلون أوامر من نساء
هذه المعلومة عرفناها من الأستاذ الجامعي لعلم الاتصالات في جامعة ستانفورد، كليفورد ناس Clifford Nas ، مؤلف الكتاب: الرجل الذي كذب على كمبيوتره المحمول، والمنشور في 2010، حيث نشر فيه خلاصة دراسته لكيفية تعامل واستجابة وتجاوب عموم البشر مع التقنيات الحديثة، ومنها هذه القصة التي حدثت لشركة بي ام دبليو .
نتيجة أبحاث بروفسور ناس وجدت أن البشر تفرق بين الرجل والمرأة، الذكر والأنثى، سواء عن قصد أو دون قصد، بإدراك أو دون إدراك. هذه التفرقة تزيد وتقل في بلاد بعينها، وفي ألمانيا كان استخدام صوت النساء خيارا غير موفق تماما.
كيف بدأ استخدام أصوات النساء في الآلات
لكن لماذا تستخدم الآلات أصوات النساء حين تريد تنبيه المستخدم أو طلب شيء ما منه؟ البداية كانت أثناء الحرب العالمية الثانية، خاصة في قمرات الطائرات المقاتلة، ولأن غالبية الطيارين كانوا رجالا، كان انتباههم لصوت رجل آخر ضعيفا، على العكس حين كان يصدر صوت هادئ من امرأة في القمرة، ساعتها كان الكل ينتبهون ويصغون. كذلك تصادف أنه عند بدء انتشار اختراع الهاتف، حين كان الأمر يتطلب الاتصال بعاملة التحويلة والطلب منها أن تطلب لك الرقم الذي تريده، كان أغلب العاملات من النساء لا الرجال، وهو الأمر الذي جعل الناس يعتادون عليه بعدها.
الطريف أن هذه العادة انتقلت بعد الحرب العالمية الثانية إلى الماكينات والآلات التي تصدر أصواتا بغرض التعريف بمعلومة، لا طلب تنفيذ أمر. بعض الدراسات العلمية المجراة على هذه الأمر تحديدا وجدت أن قطاع كبير من الناس يجد صوت النساء مريحا وهادئا مقارنة بأصوات الرجال. بعض الدراسات أشارت إلى أن كل انسان يفضل صوت المرأة لأنه أول صوت سمعه حين تم خلقه في رحم أمه، وهو الصوت الذي كان يجعله يهدئ ويستكين رضيعا، وهي عادة تبقى معنا حتى القبر، ربما دون أن نشعر بوجودها.
بناء على هذه الحقيقة العلمية، تقوم شركة بيع أسهم بورصة في اليابان بالرد آليا على المتصل، وتسمعه أصواتا آلية سجلها النساء، ليعرف أسعار الأسهم والسندات في البورصة، لكن حين يعلن المتصل عن رغبته في الشراء أو البيع، كان تلقائيا يتم تحويل المتصل ليستمع إلى أصوات رجالية تملي عليه ما الذي يجب عليه فعله لتحقيق طلبه!
حتى تطبيق سيري Siri انتبه لهذه الحقيقة!
حين أطلقت ابل خدمة سيري Siri على آيفون وغيره، كان صوت التطبيق نسائيا، لكن سرعان ما وفرت ابل بعدها بشهور صوتا خشنا لرجل، ذلك أن سيري كانت تعطي توجيهات وأوامر للمستخدم ليحقق ما يريده، وهنا كانت المشكلة ستظهر من جديد.
حين تشاهد أفلام الخيال العلمي، تذكر هذه المعلومة، وستلاحظ أن الأصوات الآلية التي تريد أن تظهر السلطة والقوة والخشونة، ستجدها تستخدم صوت الرجل، وفي ألعاب الفيديو، ستجد الكمبيوتر المفكر يتحدث إليك بصوت أنثى، لكنه سيسرد عليك معلومات وبيانات تفيدك، وربما يستغيث بك حين تحتدم نهاية المرحلة، لكن قلما تجدها تعطيك أوامر.
الشاهد من قصة بي ام دبليو
خلاصة الكلام، إذا حدث ذات يوم وكنت مخيرا بين صوت امرأة وصوت رجل، اجعل صوت المرأة للتعريف بمعلومات وبيانات، لكن حين تحتاج لأن تطلب من المستمع تنفيذ أوامر ما، فهذا دور الرجل، وربما كان الأفضل أن تترك المستخدم يختار بين هذا وذاك. هذه المعلومة بناء على دراسات وإحصائيات، لا تكهنات أو ظنون. أحسن استخدامها.
معلومة تسويقية على الجانب:
كانت هناك عدة خيارات لصوت تطبيق سيري في بدايته، لكن خبراء ابل اختاروا أن يبدو صوتها مثل أفلام الخيال العلمي، ليعطي هذا الصوت الإيحاء بأن الهاتف الذي اشتريته متقدم تقنيا وأنه من المستقبل، لكي يبقى العميل مقتنعا بأنه اشترى تحفة علمية لا مثيل لها ويرضى أكثر عن هاتفه. هل كنت تظن أنهم اختاروا هذا الصوت عشوائيا؟ لا يا عزيزي، إنهم ليسوا مثلنا!
– المصدر : مدونة شبابيك – رؤوف شبايك
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول