«الشريطية» هي حرفة اكتسبها أصحابها عنوة من خلال تواجدهم الدائم بين مداخل ومخارج المعارض, يمارسون بيع وشراء السيارات المستعملة, وأثناء تواجدك في ساحات المعارض تشاهد الصفقات التي تتم على الهواء مباشرة على شكل مفاوضات علنية طلبا لسعر معين للسيارة, وهو ما يسمى في أعرافهم المهنية (السوم).
وللغة التي يتفوه بها سماسرة السيارات «الشريطية» سحرها الذي يأخذ الألباب بفضل معرفتهم الدقيقة السيارات, وإلمامهم بحاجة الناس الضرورية للسيارات خصوصا في هذا الزمن الذي تباعدت فيه المسافات, ورغبتهم الشديدة في الثراء السريع وظهور أنواع مختلفة من أساليب الغش والخداع بعيدا عن أعين الرقيب.
ويذكر الكثير ممن وقعوا ضحايا لـ «الشريطية» أن هناك لغة ثالثة مشتركة بينهم يستطيعون بفضلها طرح السعر المناسب لهم, ويعتبرون هذا نوعا من البراعة المهنية, إضافة إلى المساعدة التي يلقونها من بعضهم البعض في تزيين سلعة أحدهم إذا كان راغبا في البيع, وصف السلعة بأقبح الأوصاف حال رغبتهم في الشراء, كما ساعدتهم الفراسة التي جبلتهم عليها طول الممارسة في التعامل مع الضعفاء من الناس.
ملف السيارة
في البداية قال بندر خيري : اشتريت سيارة كرولا موديل 2000م من أحد الشريطية الذي قام بمدح السيارة وتزيينها في عيني, وذكر لي أنها استخدام شخصي, وما حملني على تصديقه هيئة السيارة التي أوحت لي بأنها نظيفة, عندها توكلت على الله وصدقت كلامه , وبعد فترة وجيزة من شرائي السيارة ظهرت عيوبها وعللها, وخسرت عليها مبلغا قدره 3200 ريال, وهنا أوجه نصيحة لأي فرد يرغب في شراء سيارة بأن يتوجه مباشرة إلى المرور لمعرفة ملف السيارة.
تحطيم الأسعار
وأضاف سعد أبو عبد الله أنه باع سيارة فورد حديثة الاستخدام بسعر رخيص عند مدخل المعارض الذي يتمركز فيه الشريطية بطريقة عشوائية, حيث تدافع الشريطية عليها, وأجمعوا أمرهم على أنها لن تأتي له بالسعر الذي يرغبه, واستمروا في تنزيل السعر وترغيبه في البيع حتى باع.
الأيمان المغلظة
وأكد فارس مرضي أنه اشترى سيارة أعجبه منظرها من شخص عزيز وقريب له, وحلف له الأيمان المغلظة بأن السيارة تعتبر فرصة لا تعوض, وأقنعني بشرائها منه بسعر مرتفع عن السوق , حيث ثبت لي بعد تجولي في المعارض أنها أرخص من هذا السعر بفارق الـ «10000» ريال.
أساليب مبتكرة
وأشار علي المشاوح الى أنه عادة ما يقوم الشريطية بإقناعك, مستخدمين أساليب مبتكرة وجديدة في البيع والشراء, ومستعينين ببعض الأساليب الملتوية الممزوجة بالخداع و الغش في كثير من الأحيان, وحصل معي أن باعوا سيارتي بالمزاد تحت الميكرفون, وقام أحدهم بدفع العربون, وطلب مني الذهاب إلى المعارض بشرط عرضها على ميكانيكي لمعرفة عيوبها, وعند فحصها تبين له مدى نظافتها, عندها بدأ اختراع الحيل حتى أبيعها له بسعر اقل , وقال مترجيا : (هذا الذي عندي) , وأخذ في الترجي حتى أشفقت عليه وبعته بأقل سعر.
شطارة
طالب سعد النوري الجهات المختصة بوضع أنظمة وقوانين منظمة للبيع والشراء في معارض السيارات, وعدم ترك الحبل على الغارب للشريطية حتى يتلاعبوا بالناس بحجة الشطارة في البيع والشراء, ومطالبة البائع منهم بضمان السيارة, حتى لا يعرض أرواح المواطنين للخطر جراء شرائهم سيارة غير صالحة للسير في الشوارع, وكذلك لتجنبيهم أنواع الغش الممارس في هذه الأسواق, حيث دخلت المعارض فئات من الشريطية لا تخاف الله وتسعى وراء الكسب من أية طريق تتوافر لهم.
عمليات سيارات
واشتكي عبد الله ساير المدحي ما يجري في السوق من عمليات نصب واحتيال, حيث تعرض لعملية نصب من قبل مجموعة شريطية السيارات الذين عملوا كمينا ليطيحوا بسعر سيارته الـ ( كابرس LTZ ) موديل 2004م, حيث سعرت السيارات بداية الأمر بـ «42» الف ريال, فأتاه أحد الشريطية وقال له : ما تسوى إلا 35 الف ريال, وذهب ليأتي آخر قائلا: له ماتسوى إلا 30 ألف ريال حتى وصلوا به إلى 28 ألف ريال, ونصحوني بالبيع من الشريطي الأول الذي عرض علي مبلغ الـ «35» ألف ريال, وبعد لحظات من الأخذ والرد عرض علي شريطي شريف المبلغ الذي طلبته عندما أخترق صفوفهم قادما من الخلف, وقال : ( اذا كنت بياع فانا شراي) فبعتها له, وبعد فترة وجيزة ذهبت إلى المعارض إذ بنفس المجموعة تمارس نفس الأسلوب الذي لعبته معي على أناس آخرين, بعدها عرفت أني كنت أتعرض لعملية خداع ما جعلني أتيقن من وجود لغة خاصة عند بائعي السيارات في المعارض.
خبرة
ويرى أبو مطلق أن الشريطية هم أناس يمتلكون معرفة وخبرة بأسعار السيارات, لذا تجدهم يفاوضون الزبائن من أجل مصالحهم الخاصة, ومن أعظم مكائدهم إقناع الزبون بأن سيارته غير مرغوب فيها في السوق, ويؤكدون له بطرقهم المجربة الناجحة بأن بها مشكلة, وبأنه بيعت مثل سيارته قبل مدة وجيزة بسعر أقل حتى يعلن الزبون الاستسلام ويبيع سيارته, ويسمون ذلك ( شطارة ), حيث لا يفهم هذه اللغة والإشارات غيرهم.
ضمان المكسب
وفي ذات السياق يشير محمد يحيى «شريطي سيارات» الى أن الشريطية أشخاص طيبون ويبحثون عن المكسب الحلال, ومن حقهم أن يساوموا الزبون مثلهم مثل أي رجل أعمال في السوق يسعى إلى نجاح أعماله وضمان المكسب, واتهامهم باستغلال الناس أمر لا يصدقه العقل لأن الناس ليسوا مغفلين حتى يسلموهم رقابهم, وهنا أخالف الكثير من الناس لأن السوق مليان بالسيارات وأنا أحدد السعر الذي يناسبني وإذا وافق الزبون اشتريت منه السيارة ودون ضغط عليه, وإذا رغب في الشراء أعطيه السعر الذي يناسبني, وعموما السوق مليء بالسيارات, ولا أنكر أن هناك غشاشين في السوق, لكن ما أرفضه هو التعميم ووصف الجميع بأنهم غشاشون ومنافقون. لكل شيخ طريقة
وأضاف سعيد «شريطي سيارات» بقوله : ( إن لكل شيخ طريقة ) , ولابد من اتصاف الشريطي بصفات معينة يجذب بها الزبون, كأن يتصف بمهارات النظر الثاقب الذي يعرف من خلاله شخصية الزبون, وتبين نقاط ضعفه عن طريق الكلام أو الجدال معه وطول النفس للوصول إلى غاياته المطلوبة, والمعرفة التي تساعده في عملية تحديد السعر المناسب, وهذه كلها خبرات سنين طويلة ولم تتأت للشريطي بين يوم و ليلة . ويشاركه زميله في المهنة أبو فهد بأن الاتهامات الموجهة للشريطية غير صحيحة وكل من يعمل بهذه المهنة يعرف أنه يتعامل مع السيارات المستعملة, ومن الطبيعي أن توجد بها عيوب, لأنها استعملت لسنوات عديدة .
رضا الزبون
من جهة أخرى قال نظام الدين سليم «ميكانيكي سيارات» نحن كأصحاب ورش نقوم بالعمل الفني فقط, وأنفذ ما يطلبه مني أصحاب المركبات. فنحن لا دخل لنا في القطع المقلدة بالسيارات, ودورنا يقف عند تركيبها فقط وعمل الإصلاحات اللازمة للسيارة مقابل أجر مادي, ونقوم بإخفاء الزيوت المترسب من جوانب ماكينة السيارة وتلميع السيارة من الخارج وإخفاء العيوب والصدمات حتى تظهر بشكل جميل ونظيف, وكذلك نقوم بتركيب قطع غيار مستخدمة غير مضمونة سرعان ما تتلف وتخرب, ونعمل على إخفاء الأصوات التي تنتج من الاحتكاك لوجود خلل معين في سيارة وهكذا وغيرها الكثير.
تلاعب في العدادات
وفي ذات الجانب يؤكد عبد الله عامر ( صاحب معرض سيارات ) أنه لا يوجد فرق كبير بين السيارات الأمريكية المستوردة والسيارة الوكالة حيث إن المشكلة في السابق كانت تتعلق بالبنزين. أما الآن فقد تغير الوضع خصوصا عندما أصبح البنزين خاليا من الرصاص, ويستطرد عبد الله عامر في الحديث قائلا : إن هناك أشخاصا يلعبون في عدادات السيارات كأن تكون سيارة ماشية 100000 كيلومتر ويتدخلون بعمل تعديلات إلى 50000 كيلومتر لبيعها للمستهلك بأعلى سعر ممكن, مع ما في هذا من غش وظلم وتحايل يذهب ضحيته المستهلك, وهنا أؤكد على نقطة مهمة يجب على المستهلك الأخذ بها, وهي التوجه إلى المعارض والصالات التي تمنح الزبون ضمانات على السيارات, وسهولة مطالبة الزبون لهم حالة وجود أية علة , حيث انتشرت ظاهرة التلاعب في العدادات في بعض معارض السيارات, مع العلم بأن من يقدم على هذا الفعل شخص قد تجرد من كل معاني الإنسانية ونسي مراقبة الله له, ولابد من توضيح العيب أو العلة في السيارة للمستهلك مهما كان السبب.
غسيل أموال
وأضاف خلف الحربي (مدير أحد المعرض بالدمام) أن ما يشبه عمليات غسيل أموال تجري داخل المعارض, بتصريف سيارات مستوردة لا تصلح للاستخدام الآدمي بسبب تعرضها للأعاصير التي تضرب تلك البلدان, أو بسبب تعرضها لحوادث خطيرة أو بسبب غرقها, وتدخل للوطن عن طريق فئة من ضعاف النفوس الذين يستوردونها, ويقومون بإعادة تأهيلها وإصلاحها لتدخل عبر وسيط من أحد البلدان الخليجية لبيعها داخل السوق.
ويشاركه الرأي مبارك الشامي بأن شركات التأمين تقوم بجمع السيارات التي حصلت لها حوادث ولا تصلح للاستخدام, وتعرضها في مزاد علني حيث تقوم بعض الورش بشرائها وإعادة إصلاحها ومن ثم بيعها للمستهلك.
عمر افتراضي
وأكد سعود دغش الهاجري (مدير أحد المعارض بالخبر ) أن لكل سيارة عمرا افتراضيا, وكذلك لكل قطعة غيار في السيارة عمرها الافتراضي, وهي أولا وأخيرا سيارات مستعملة ولابد فيها من عيوب, والعيوب تختلف من خلل بسيط إلى خلل كبير, ولنفترض أن سيارة كامري موديل 2003 نظيفة, وصاحب السيارة محافظ عليها, فتكون أفضل من سيارة كامري موديل 2005 ملعوب فيها ومخدوشة وبها آثار صدمات ومحركها به أصوات, وفيها آثار صدأ وغيرها وتدل على عدم عناية صاحبها بها. فالوضع هنا اختلف من موديل السيارة إلى مدى نظافتها.
المطالبة بالتأمين
ولفت حسن مسفر آل حارث ( مدير إحدى صالات السيارات) الى أنه على الزبون أن يتأكد قبل أن يشتري من المالك السابق من عدم وجود مخالفات على السيارة , مع مطالبته بالتأمين, وأوجه نصيحتي للزبون بالتوجه إلى المعرض الذي يثق فيه, واستشارة ذوي الخبرة لمعرفة الورش المؤهلة تأهيلا فنيا عاليا في الكشف عن عيوب السيارات.
نوع السيارة .. والقدرات المادية
وجه المحامي الخبير القانوني محمد الصومالي بعض النصائح لمحبي السيارات المستعملة بالتروي في شراء السيارة, وتحديد السيارة مسبقا التي تتناسب وقدراته المادية, وعدم شراء السيارة ليلا لأنها بذلك تخفي الكثير من العيوب والعلل , ومعرفة أسعار قطعها مقارنة بالسيارات الأخرى, والاستعانة بفني مختص لفحص السيارة قبل شرائها, لأنه أكثر دراية بعيوبها, التأكد من سجل السيارة لتجنب المشاكل التي قد تجرها على مالكها بعد شرائه إياها.
(من غشنا فليس منا)
من جهته أكد الشيخ حمد محمد الربيعة على عظمة جرم الغش حيث حرمته الشريعة الإسلامية. فقد قال الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – : ( من غشنا فليس منا ), وبينت لنا الشريعة أن الغش في المعاملات بشتى صوره ليس من أخلاق الإسلام, وليس من صفات المسلم الحق.
والغش المهني يشمل جميع مجالات الحياة من بيع وشراء وسائر المعاملات, والمجتمع الإسلامي مجتمع أخوة, ومحبة وتآلف, فينبغي على المسلم الاتصاف بالصفات الطيبة التي يرضاها الله ورسوله الكريم, وننصح المسلمين بعدم الغش لما يترتب عليه من المفاسد والتفرقة والعداوة بين المسلمين, لا سيما الغش في بيع السيارات.
اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول
اختر علامتك لمتابعة أخبارها وسياراتها