إنضم لأكثر من 10M+ متابع

المربع نت – في عام 1964، اندلعت بوادر حرب تجارية بين أوروبا والولايات المتحدة، بعد قرار أوروبا بفرض ضرائب جمركية على منتجات الدواجن الأمريكية، وهي خطوة أثارت استياء الرئيس الأمريكي آنذاك، ليندون بي جونسون، والذي قرر فرض ضريبة جمركية 25% على الشاحنات الأوروبية الخفيفة.

وصمدت هذه الضريبة ليومنا هنا واشتهرت باسم “ضريبة الدواجن Chicken Tax”، وأدت لغياب المنافسة الأوروبية بالكامل من السوق الأمريكي الأكبر في العالم لشاحنات البيك أب، كما ساهمت الضريبة في كون فورد F-150 الموديل الأعلى مبيعاً في الولايات المتحدة لأربعة عقود متوالية.

"تقارير المربع" الفائزون والخاسرون في صناعة السيارات بعد انتخاب دونالد ترامب   1
الرئيس الأمريكي ليندون بي جونسون، مهندس “ضريبة الدواجن” الشهيرة على الشاحنات الأوروبية

والآن، بعد 60 عاماً تقريباً، تبدو الولايات المتحدة وأوروبا على مشارف خلاف جديد قد يؤدي لحرب تجارية، بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتهديده بفرض ضرائب جمركية على جميع المنتجات الأوروبية، بما يشمل السيارات.

فلسفة دونالد ترامب بسيطة وواضحة جداً.. “أمريكا أولاً”، مع التركيز على نقل الوظائف وعمليات الإنتاج إلى الأراضي الأمريكية، وتهديد أي شركة أو دولة، سواء كانت حليفاً أو عدواً، بالحرب التجارية إذا قررت مقاومة هذه الفلسفة.

هجمات ترامب لا تقتصر فقط على الشركات الأجنبية بل تشمل شركات السيارات المحلية كذلك مثل فورد وجنرال موتورز، مع الضغط عليهم لنقل إنتاجهم العالمي إلى الولايات المتحدة، وفي حالة الرفض، ستخضع الشركات الأمريكية لنفس المعاملة القاسية الذي ستتعرض لها الشركات الأجنبية.

في هذا التقرير سنوضح التأثير المتوقع لرئاسة ترامب على صناعة السيارات العالمية، وبالأخص الصناعة الأوروبية والأمريكية، وأبرز الخاسرين والفائزين من هذه التطورات.

“تقارير المربع” الفائزون والخاسرون في صناعة السيارات بعد انتخاب دونالد ترامب  

شركات السيارات الأوروبية من أبرز الخاسرين بسبب فوز ترامب

بعد ساعات معدودة من الفوز الصاعق لدونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية للمرة الثانية، انتشر الذعر في البورصات الأوروبية وخاصة أسهم شركات السيارات الألمانية، فولكس واجن وبورش ومرسيدس وبي ام دبليو، مع تدهور قيمتهم السوقية بنسب وصلت إلى 7 % خلال يوم واحد.

دونالد ترامب كان وضحاً حيال موقفه تجاه شركات السيارات الأوروبية، وغضبه من العلاقات التجارية الحالية مع الاتحاد الأوروبي.. وصرح مسبقاً: “أوروبا لا تأخذ سياراتنا ولا منتجاتنا الزراعية.. لا يأخذون أي شيء!، لدينا عجز تجاري 312 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي”.

واستهدف دونالد ترامب ألمانيا بشكل خاص بتصريحه: “أرغب في تحويل شركات السيارات الألمانية لشركات أمريكية”، والقصد هنا إجبار الشركات الألمانية على نقل الإنتاج من ألمانيا إلى الولايات المتحدة تحت تهديد الضرائب الجمركية.

"تقارير المربع" الفائزون والخاسرون في صناعة السيارات بعد انتخاب دونالد ترامب   2
بورش 911

هذه تصريحات مقلقة للحكومة الألمانية عند الأخذ في الاعتبار أن إنتاج السيارات هو القلب النابض للصناعة الألمانية، وأهم مصدر للدخل والتوظيف لمواطنيها، وأي مساس بالصناعة الألمانية هو بمثابة تهديد مباشر لأساس الدولة واستقرارها.

الولايات المتحدة هي السوق الأهم لصادرات السيارات الألمانية، وتمثل وحدها 13% من مجمل الصادرات، أو حوالي 403,000 سيارة سنوياً، ما يمنح الحكومة الأمريكية ورقة ضغط حقيقية على الشركات الألمانية.

بعض علامات السيارات الألمانية تحظى بحضور قوي بالفعل في الولايات المتحدة من ناحية الإنتاج، وخاصة بي ام دبليو، والتي تنتج 410,000 سيارة سنوياً في الولايات المتحدة، ولكن علامات أخرى مثل بورش واودي ليس لديها أي مصانع أمريكية وستكون في وجه المدفع.

ماذا عن الشركات الصينية؟

دونالد ترامب قضى على فرص دخول شركات السيارات الصينية للسوق الأمريكي خلال فترة رئاسته الأولى، بعد فرض ضريبة جمركية هائلة 100% على واردات السيارات الصينية، وهي ضريبة حافظ عليها الرئيس الأمريكي اللاحق جو بايدن.

بدون شك لا توجد دولة تثير استياء دونالد ترامب أكثر من الصين.. وقد اتهمها مراراً وتكراراً بـ “سرقة الوظائف الأمريكية” بسبب انتقال عدد كبير من المصانع الأمريكية للصين خلال العقدين الماضيين، بما يشمل مصانع السيارات.

وقد لا يقتصر الأمر على مجرد الضرائب الجمركية على واردات السيارات الصينية فقط، بل تم اقتراح حظر استخدام التقنيات الصينية في أي سيارة معروضة للبيع في الولايات المتحدة، وتحديداً تقنيات الاتصال الإلكتروني والتوجيه الذاتي وأنظمة السلامة.

خطورة هذا الاقتراح هو تأثيره المدمر على عدد كبير من شركات السيارات الأوروبية التي تعاونت مع شركات صينية خلال الأعوام الماضية لتطوير تقنيات جديدة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من موديلاتهم، وأبرزهم علامات فولفو وبولستار السويدية المملوكة لجيلي، وقد حذرت هذه العلامات مؤخراً من احتمالية إيقاف مبيعات موديلاتهم في السوق الأمريكي إذا تم تنفيذ قرار حظر التقنيات الصينية.

"تقارير المربع" الفائزون والخاسرون في صناعة السيارات بعد انتخاب دونالد ترامب   3
بولستار 2 السويدية الكهربائية التي تشارك تقنياتها مع جيلي

مع ذلك، ورغم العداء الصريح الذي أبداه ترامب للصين وشركاتها على مدار الأعوام، إلا أن ترامب فتح المجال لشركات السيارات الصينية بدخول السوق الأمريكي والمنافسة فيه، ولكن بشرط واحد محوري، وهو إنتاج هذه السيارات داخل الأراضي الأمريكية.

مع ذلك تظل الأولوية القصوى لشركات السيارات الصينية هي التوسع في السوق الأوروبي الضخم والمربح جداً بجانب أسواق عالمية أخرى مثل الشرق الأوسط، أفريقيا، أمريكا اللاتينية وغيرهم، مع تجاهل السوق الأمريكي للوقت الحالي.

مذبحة مكسيكية

ربما لا توجد دولة ستتحمل أضراراً أكثر من المكسيك بسبب فوز دونالد ترامب.. والسبب هو أن المكسيك هي واحدة من أهم الدول المصنعة والمصدرة للسيارات في العالم، وتعتمد عليها شركات السيارات الأوروبية واليابانية والأمريكية، بما يشمل فورد وجنرال موتورز وستيلانتس وغيرهم، لبناء السيارات بتكلفة رخيصة نسبياً وتصديرها للسوق الأمريكي العملاق بدون قيود جمركية وفق اتفاقية التجارة الحرة بين الدولتين.

وقد فهمت شركات السيارات الصينية أهمية المكسيك ودورها المحوري في أمريكا الشمالية، وسارعت بفتح مفاوضات مع الحكومة المكسيكية خلال العامين الماضيين لبناء مصانع صينية جديدة في المكسيك وتصدير السيارات للولايات المتحدة، ما سيسمح للشركات الصينية بالتحايل على الضرائب الجمركية الأمريكية.

ولكن ترامب لن يترك المكسيك في حالها، وصبّ عليها جام غضبه واستيائه خلال الأشهر الماضية.. وربما أخطر تصريح صدر من ترامب حتى الآن هو تهديده بفرض ضريبة جمركية تصل إلى 200%! على السيارات المستوردة من المكسيك، وهي نسبة يصعب تصديقها وقد تؤدي لتدمير صناعة السيارات المكسيكية بالكامل وخسارة مئات الآلاف من الوظائف.

من أهم الشركات التي قد تتضرر من خطوة كهذه هي تويوتا، والتي تصنح شاحنتها المحبوبة تاكوما في مصنعين بالمكسيك مع بيع 230,000 نسخة من الموديل في أمريكا خلال 2023.

"تقارير المربع" الفائزون والخاسرون في صناعة السيارات بعد انتخاب دونالد ترامب   4
تويوتا تاكوما 2024

ووضحت تويوتا أنها قد تضطر لنقل عمليات الإنتاج للولايات المتحدة إذا قام ترامب بفرض ضرائب جمركية مرتفعة على الواردات المكسيكية.. وهي خطوة على الأرجح ستكررها شركات سيارات أخرى، وقد تؤدي لخسارة الاستثمارات الهائلة التي تم ضخها لبناء المصانع المكسيكية خلال الأعوام الماضية.

الفائزون والخاسرون بين شركات السيارات الأمريكية

بدون شك الفائز الأكبر من فوز ترامب هو رئيس تيسلا، إيلون ماسك، والذي قدم دعماً مادياً غير محدود لترامب على مدار حملته الرئاسية، بالإضافة للدعم الإعلامي على منصته الاجتماعية X (تويتر سابقاً).

وبالفعل بعد أيام معدودة من فوز دونالد ترامب، قفزت قيمة تيسلا في البورصة الأمريكية إلى تريليون دولار، ما أدى لارتفاع الثروة الشخصية لايلون ماسك إلى أكثر من 300 مليار دولار، ما يؤكد مكانته كالرجل الأغنى في العالم، وبهامش كبير.

"تقارير المربع" الفائزون والخاسرون في صناعة السيارات بعد انتخاب دونالد ترامب   5
إيلون ماسك مع ترامب أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة

وأعلن ترامب لتوه عن اختياره لماسك لإدارة قسم جديد مخصص لمراقبة الحكومة الأمريكية وتحسين كفاءتها وتنظيم البيروقراطية فيها بشكل أفضل، ما سيمنح ماسك سلطات حقيقية في أهم وأكبر حكومة في العالم، وكل هذا سيدعم شركاته بشكل مباشر، وأولهم تيسلا.

من المتوقع أن تدعم حكومة ترامب شركة تيسلا وأهدافها وطموحاتها، وخاصة في مجال القيادة الذاتية، مع توقعات بتخفيف القيود واللوائح التنظيمية التي تنظم عمل السيارات ذاتية القيادة قريباً بالتزامن مع تدشين تيسلا لأول سيارات تاكسي وفان ذاتية القيادة من تطويرها.

بالنسبة لباقي الشركات الأمريكية فوضعها أسوأ بكثير، خاصة عند الأخذ في الاعتبار اعتماد فورد وجنرال موتورز وغيرهم على المكسيك لبناء نسبة كبيرة من سياراتهم المخصصة للسوق الأمريكي، ورئاسة ترامب قد تدمر كل هذا التوازن قريباً.

على الأرجح ستضطر شركات السيارات الأمريكية لإنفاق مليارات الدولارات لنقل خطوط الإنتاج من المكسيك إلى الولايات المتحدة، كما أن انتقال الإنتاج لأمريكا يعني زيادة في تكلفة العمالة، ما سيؤدي لزيادة في الأسعار وتدهور محتمل في الأرباح.

إلغاء الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية!

"تقارير المربع" الفائزون والخاسرون في صناعة السيارات بعد انتخاب دونالد ترامب   6
فورد موستنج ماك اي الكهربائية

من النقاط الأخرى التي ستضر شركات السيارات الأمريكية بشكل خاص هو قرار ترامب بإلغاء الدعم الحكومي المالي للسيارات الكهربائية، والذي بلغ 7500 دولار لكل سيارة، وهي خطوة أيدها إيلون ماسك نفسه، باعتبار أن الدعم الحكومي ساهم في تقوية منافسيه على حساب تيسلا خلال الأعوام الأخيرة.

إيقاف الدعم الأمريكي يعني قفزة كبيرة في أسعار السيارات الكهربائية بالولايات المتحدة، في الوقت الذي يعاني السوق الكهربائي فيه من ضعف في الطلب وتباطؤ المبيعات، ما سيؤدي لخسائر إضافية لشركات السيارات التي استثمرت مبالغ كبيرة لتطوير المحركات والتقنيات والموديلات الكهربائية واعتمدوا على الدعم الحكومي لتشجيع الطلب الاستهلاكي.

اقرأ أيضاً: “تقارير المربع” جاكوار تواجه أهم اختبار في تاريخها بعد قرار إيقاف جميع موديلاتها

Image of ask section link

اشترك بالقائمة البريدية

احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول